Skip to Content

خارطة التحول الديموقراطي المستدام

مقدمة

  بالنظر إلى استفحال الأزمة السياسية في البلاد التي ترتبت على انقلاب 25 اكتوبر، وانعكاساتها السالبة على مجمل الأوضاع الاقتصادية والأمنية، وانطلاقاً من مسؤوليتنا كحزب سياسي إصلاحي يسعى لاستدامة ورسوخ التحول الديموقراطي، وتقليل تكلفة العمل السياسي، ويعلي من قيمة الحياة والحفاظ على أرواح ودماء الشعب السوداني، وينتهج تقديم الحلول، نتقدم في حزب بناء السودان بخارطة طريق مبنية على تحليل معمق للمسألة السودانية متطاولة الأمد، ونأمل أن تؤدي إلى فتح مسار سياسي يعيد الاستقرار  للبلاد ويضعها مجدداً في طريق الانتقال والتحول المدني الديموقراطي، وفوق هذا وذاك يحفظ دماء السودانيات والسودانيين.  


تمهيد

  نعتقد في حزب بناء السودان أن العملية السياسية ظلت مشوهة على مدى عقود من الحكم الوطني إلى أن فقدت صلاحيتها تماماً، وهي لا تؤدي إلى استقرار وتنمية البلاد، حيث تحتكم العملية السياسية منذ استقلال البلاد إلى قواعد العمل الثوري الذي يعني فيما يعني إحداث تغييرات فجائية وخارج إطار التغيير القانوني والدستوري ووفقاً لمنطق القوة سواء كانت جماهيرية أم عسكرية، الأمر الذي جعل البلاد في حالة من الشد والجذب الدائم، وتنافس مستمر على الهدم، واستقطاب حاد ما يلبث أن يهدأ ليعود أكثر فداحةً وغلواً، ومن ثم أصبح الحصول على نصيب من السلطة يتناسب طردياً مع مدى قدرة هذا الفصيل السياسي أو ذاك على التدمير والإتيان بالفعل السالب الذي تتصاعد حدته وصولًا لإغلاق وتعطيل المرافق العامة بل وإشعال الحروب وتنفيذ الانقلابات، وهنالك أحزاباً سياسية كثيرة كان لها – وما يزال – خلايا بالجيش، وليس أدل من ذلك أن الحقيقة التاريخية تشير إلى أن كل الانقلابات العسكرية التي شهدها السودان كانت بتدبير من قوىً وأحزاب سياسية، وهو ما أفضى بنا في نهاية المطاف لأن تكون قوات الشعب المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى والمليشيات ضالعة في العمل السياسي وطامعة في نصيب كبير من السلطة والثروة عطفاً على قواعد القوة والتضحية والمغامرة التي تأسست عليها العملية السياسية في السودان، كما أصبح بالبلاد عدد لا متناهٍ من الحركات المسلحة، وتبعاً لذلك فقد تم خلال السنوات المنصرمة تغذية خطاب جهوي حاد زاد من هشاشة الأوضاع، فضلًا عن سيادة أفكار شديدة التطرف في المجال العام وشديدة العداء لأدوات العمل السياسي المتعارف عليها من تسوية وتفاوض ومساومة، مما أدى إلى إفراغ العملية السياسية من مضمونها كفن لإدارة الممكن وأداة للتحسين المتدرج والمستمر، يضاف إلى ذلك عوامل خارجية معلومة بالضرورة تعمل – بإمكانيات كبيرة – على التكريس لأوضاع غير تلك التي يرغب بها الشارع السوداني الذي أنجز ثورة ديسمبر المجيدة ودفع ثمناً باهظاً في سبيلها وهو يحدوه الأمل نحو الحرية والديموقراطية والسلام والعدالة والتقدم والرفاه. 


الحالة السودانية المشار إليها آنفاً تتطلب إدراكاً عميقاً لحجم التحديات والتعقيدات الماثلة والمراد تغييرها، ومن ثم تحديد الآليات والأساليب الأقل كلفة والأكثر نجاعة في تحقيق الأهداف النبيلة المأمولة، مع الوضع في الاعتبار مطامع ومخاوف الأطراف التي تشكل عقبة أمام استمرار الانتقال والتحول الديموقراطي، واستخدام الحنكة والحصافة السياسية لشراء المستقبل بدلًا من الغرق فيما هضمته وضيعته الممارسة السياسية غير الرشيدة من حقوق وفرص على طول البلاد وعرضها منذ فجر الاستقلال وحتى يومنا هذا، وعليه نرى أن اشتداد التجاذب وزيادة الاحتقان في ظل البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المذكورة أعلاه، يجعل بلادنا في نقطة أقرب إلى الحرب الأهلية منها إلى الانتقال والاستقرار، ويهدد وحدتها ويلوح أمام مواطنيها الكرام شبح التشتت والنزوح، والتجارب المماثلة في محيطنا الإقليمي ليست بعيدة مكان ولا زمان، وهو مصير لا يحبذه أي طرف من أطراف العملية السياسية ولكنه وارد الحدوث أثناء سعي هذا الطرف أو ذاك نحو الانتصار على خصمه السياسي وتحقيق أهدافه بالضربة القاضية وليس بالنقاط عبر الوسائل المدنية المعروفة.  دفعنا إدراكنا لحقيقة الأزمة في السودان، وتحليلنا المغاير لمجمل العملية السياسية إلى تشخيص مختلف لمكمن الداء المتمثل في حالة نزوع طبقتنا السياسية إلى التغيير الثوري وعدم تنظيمها لقواعد التداول السلمي للسلطة بما يتوافق مع حرية التنظيم والتعبير والإقرار بالملكية الخاصة وعدم التعدي على حقوق الأقليات، الأمر الذي من شأنه أن يورد بلادنا موارد الهلاك، ومن ثم لم نجد بُداً من اتخاذ خطوة تكوين حزب بناء السودان كحزب برامجي عابر للأيدولوجيات، يتبنى أسلوب التغير الإصلاحي المتدرج.  فمنذ انطلاق الثورة في ديسمبر 2018، رفد حزب بناء السودان الساحة السياسية السودانية بمجموعة من المقترحات الهادفة لتحقيق تطلعات السودانيات والسودانيين في التغيير نحو الدولة المدنية والديموقراطية بأقل تكلفة بشرية واقتصادية، أولى هذه المقترحات كان مقترح حل الأزمة السياسية المنشور في ديسمبر ثم كان المقترح  .2019 في أبريل     عدة مرات لتصدر النسخة النهائية منه     تم تطويره     2018، والذي     الاقتصادي الموسوم ببرنامج ال 100 يوم في فبراير 2019 والذي هدف لتوفير خطة اقتصادية إسعافية للحكومة الانتقالية، وتم طرحه قبل سقوط نظام البشير، ثم تلا ذلك مقترحي إصلاح جهاز الأمن الوطني والعدالة الانتقالية في أبريل .2019  في فبراير 2019 تبنى الحزب فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة لإدارة الفترة الانتقالية، وأوضح بجلاء أنه لن يكون جزءً من أي تشكيل حكومي أثناء الفترة الانتقالية على الرغم من أن حزب بناء السودان من الكيانات الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، وسعى الحزب جاهداً لتسويق ذلك في كل المنصات، داعياً الأحزاب السياسية وقوى الحرية والتغيير وقتها للبعد عن المشاركة في الحكومة والاكتفاء فقط بتوفير الدعم السياسي لحكومة الفترة الانتقالية والتفرغ لتجويد العمل الحزبي والاستعداد الجدي للانتخابات


واستندت دفوعات الحزب وقتها على أن مشاركة الأحزاب السياسية في حكومة دون تفويض شعبي هو ممارسة مناقضة كلياً لمفهوم السيادة الشعبية ولدور الحزب السياسي في النظام الديموقراطي الليبرالي، إضافة لذلك البعد المفاهيمي، فإن مشاركة الأحزاب السياسية في الحكومة الانتقالية هو مدعاة للتشاكس والتنافس السياسي مما يهدد الانتقال برمته.  دعم الحزب بوضوح حكومة الفترة الانتقالية برئاسة الدكتور/ عبدالله حمدوك، واجتهدت حكومة الظل  التابعة للحزب في إعداد ونشر خطط استراتيجية في كل المجالات بلغت 15 خطة متكاملة، تتضمن أكثر  من 1000 مشروع ومبادرة قابلة للتطبيق العملي، تم تسليم بعضها لوزراء حكومة الفترة الانتقالية وتم  تسليمها كاملة لمكتب رئيس مجلس الوزراء، فضلًا عن المراقبة الايجابية لأداء الحكومة اليومي وتقييمه وتقويمه بصورة راتبة، وإرشاد الحكومة لمواطن الخلل واقتراح حلول لمشكلات يومية واجهتها الحكومة،  ودعا حزب بناء السودان لرفع الدعم السلعي، وساند الحكومة بكل شجاعة ووضوح عندما تبنته، ولم  تجد الحكومة غير حزب بناء السودان مسانداً لها عندما أقدمت على خطوات الإصلاح الاقتصادي الملحة والضرورية، في وقت توارت أحزاب وعارضت أخرى الخطوة رغم كونها "حاضنة سياسية" للحكومة.  شكل انقلاب ال 25 من اكتوبر 2021 انتكاسة واضحة وقطعاً لمسار التحول الديموقراطي في السودان،  ورغم تحمل المكون العسكري بصورة كاملة لوزر وتداعيات هذا الانقلاب، إلا أننا في حزب بناء السودان كنا نتوقع ذلك من واقع الممارسة السياسية غير الراشدة والأخطاء المتكررة للفاعلين في المشهد السياسي  عامة، ولم نتردد في وصفه بالانقلاب منذ اللحظات الأولى و  'حملنا المكون العسكري المسؤولية الكاملة  عنه وعن نتائجه الكارثية، وإزهاق الأرواح غير المبرر، كما لم نتردد لحظة في إبداء الدعم الكامل لاتفاق  د. حمدوك في 21 نوفمبر 2021 لما رأينا فيه من حفظ للأرواح العزيزة وفرصة يمكن تعظيمها لتحقيق  نتائج أفضل على المدى القصير والمتوسط، ودعونا القوى السياسية والمدنية لدعمه والبناء عليه والعمل  معاً لتحسينه، ولكن كما هو معلوم تمترست القوى السياسية في مواقف متصلبة وتنحى الدكتور عبدالله  حمدوك عن موقعه، وانتهى بنا الحال إلى انسداد الأفق الحالي بعد أن فقدنا مزيداً من الأرواح العزيزة، وتوقف دولاب العمل اليومي لشهور، وتدهور الاقتصاد لأدنى مستوياته، وأصبح المواطن يعاني في كل مناحي الحياة.  أمام هذا الواقع المتأزم فإن التفكير الايجابي والتعامل الواقعي والتحليل المبني على الشواهد والتركيز على  تحقيق الأهم، والوعي بأن انتصار الشعوب النهائي يتحقق على مراحل وفترات زمنية أطول وليس  بالضربة القاضية، تَشَكَّلَ الأساس الذي نستشعر فيه المخاطر ونتحرى فيه الخيارات المنطقية، وتوظيفاً  لأدوات السياسة، واستلهاماً لتجارب الشعوب الأخرى التي مرت بظروف مشابهة، والتدارس حول كيفية نجاحها بإتباع أسلوب التغير الاصلاحي المتدرج في تحقيق طموحات شعوبها، تجعلنا في حزب بناء 


السودان أكثر وثوقاً من أي وقت مضى أن مخاطبة المشكلة السودانية الحالية لابد أن يمر عبر محطات تسوية وتنازلات متبادلة بين جميع الأطراف لا منتصر فيها إلا السودان شعباً ووطن.  بناءً وتأسيساً على كل ما تقدم، فإننا نطرح  وبكل شجاعة ووطنية خالصة "مبادرة حزب بناء السودان  لاستعادة مسار التحول الديموقراطي المستدام"، وكما يفهم من عنوانها ومسماها الذي حرصنا أن يكون بذلك الوضوح والمباشرة، فإن الهدف الرئيسي منها هو استعادة مسار التحول الديموقراطي وذلك لإيماننا المبني على تحليلنا العميق لجذور المشكلة السودانية متطاولة الأمد منذ ما قبل الاستقلال وحتى يومنا هذا، حيث أن تحقيق واستدامة الديموقراطية وتجويدها هو السبيل لحل كل مشاكل السودان ووضع نهاية لواقع الفقر والحروب والنزوح و اللجوء الذي لازمنا عهوداً طويلة، وهو مسار نفتح به باب الأمل مشرعاً في عيون شابات وشباب السودان لغد أفضل ومستقبل مشرق وإقبال على الحياة بروح متقدة وشغوفة لتحقيق الطموحات والآمال.  وعطفاً على ذلك، نقدم لكم خارطتنا التي نرى أن من شأنها أن تفترع مساراً سياسياً يعيد البلاد إلى جادة الانتقال وينزع فتيل الأزمة ويحقن الدماء الزكية ويحافظ على المكاسب التي تحققت على مدار ما يقارب الثلاث سنوات من بداية العملية الانتقالية في البلاد.  


المبادئ التي تقوم عليها المبادرة  

أ.  التركيز على استعادة مسار التحول المدني الديموقراطي.  

ب. الاهتمام بتقليل تكلفة التغيير.  

ت. تبني أسلوب التغيير الاصلاحي المتدرج لتحقيق التحول المطلوب، وتفَّهم أنه عملية مستمرة ومتطورة.  

ث. التركيز على تنفيذ الأهم من المتطلبات اللازمة لتحقيق التحول الديموقراطي.  

ج. الاستفادة من تجربة السودان منذ الاستقلال وتجارب الدول والشعوب الأخرى في إحداث التحول المدني الديموقراطي.  

ح. الاستفادة من إيجابيات وسلبيات الفترة الانتقالية في العاميين الماضيين.  

خ. العمل على تحييد المخاطر التي تهدد الانتقال، عبر إدراك المخاوف والمكاسب للأطراف الفاعلة خاصة المسلحة منها بما فيها الجيش. 


وتقوم المبادرة على البنود العشرة الآتية:

أولًا: الإطار القانوني والمرجعية الدستورية للفترة الانتقالية

اعتبار الوثيقة الدستورية الموقعة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي في 2019 والمعدلة في 2020 )الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية )تعديل( (2020 مرجعية دستورية لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية مع إدخال التعديلات الضرورية لتتوافق مع البنود المقترحة في هذه المبادرة.

 ثانياً: صناعة الدستور

إقرار دستور دائم منذ في السودان عدم الفشل السياسي الوطنية ومظاهر من أكبر الاخفاقات الحكم وطأة ولعل هذا يرجع لأسباب متعددة أهمها: وقوع السودان تحت     الآن،     الاستقلال وحتى     العسكري معظم الفترات، وعدم استدامة الديموقراطية لأكثر من دورة واحدة بعد كل ثورة شعبية، إضافةً للحرب التي اندلعت في جنوب السودان حتى قبيل الاستقلال، حيث يعكس ذلك - ولو جزيئاً     الغالبية من السودانيات والسودانيين بتباين قبائلهم     بالقبول لدى     يحظى     إقرار دستور     - صعوبة       إنما ينم في أحسن     واتجاهاتهم وثقافاتهم، وإطارهم الاجتماعي، ومستواهم التعليمي ،والاقتصادي. إن الحديث عن إقرار دستور دائم خلال الفترة الانتقالية الحالية بكل تعقيداتها     الحالات عن حسن نية ورغبة إصلاح، ولكنها رغبة لا تسندها وقائع التاريخ الحديث ولا يقف  خلفها تحليل مبني على بينات واضحة، وإن كانت السنوات السابقة من عمر السودان غير مواتية لإقرار دستور دائم، فإن الفترة الحالية هي أبعد الأوقات ملاءمة لفعل ذلك.  إن صياغة دستور دائم والتوافق عليه من غالبية الشعب يتطلب توفر ظروف كثيرة أهمها الاستقرار السياسي والاقتصادي، وإحلال السلام بصوره متكاملة في كل ربوع السودان، وحل مشاكل النازحين وإرجاعهم إلى مناطقهم الأصلية، والعمل على تحسين واقعهم الإنساني والمعيشي، كما  أن النضج السياسي للأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني المختلفة، والبعد عن التجاذبات  الحادة والتشاكس السياسي المجتمعي كلها ظروف لا بد من توافرها مسبقاً، وإجرائياً فإن وجود     النقاش الأولي  داخلهما،     لابتدار     حكومة وبرلمان منتخبين من كل الشعب يمثل مرتكزاً مهماً     وصياغة مسودة مبدئية يتم طرحها لكل مكونات الشعب السوداني ليتم التوافق غالباً على جزء مقدر من البنود والمواد ومن ثم تحديد مواد بعينها لتطرح في استفتاء شعبي شفاف.  إن النظر بواقعية لظروف السودان الحالية والأخذ في الاعتبار السياق التاريخي لقضية الدستور في السودان، والاسترشاد بالتجارب المماثلة في دول أخرى يدفعنا للاعتقاد الراسخ أن إنجاز هذا غير ممكن في الفترة الانتقالية الحالية، بل إن الأمر يحتاج لسنوات.  بناءً على ما تقدم، فإننا نقترح في هذه المبادرة الاستغناء عن فكرة إقامة المؤتمر الدستوري خلال  ما تبقى من الفترة الانتقالية وذلك لتعذر الإجماع، والاحتمالية العالية لأن يكون المؤتمر الدستوري نفسه مدخالً و لصراعات جديدة تزيد من حدة االستقطاب، ومن المرجح أن تؤدى إلى انقالبات أ حروب، ولما كان البد من وجود مرجعية دستورية تقوم على أساسها االنتخابات القادمة وتشكل إطارا تعمل الحكومة المنتخبة بمقتضاه، فإننا نقترح اعتماد دستور السودان االنتقالي للعام ً قانونياً 2005 كدستور دائم للبلاد، وذلك إعال ًء لقيمة االستقرار، خاصة وأن غالبية بنود الدستور المذكور تتوافق مع المبادئ العامة والحقوق المتعارف عليها دوليا،ً وساهمت في وضعه معظم القوى السياسية الفاعلة في المشهد السياسي، على أن يتم تجميد المادة )5( المعنونة: مصادر التشريع من الفصل األول، المعنون الدولة والدستور، وذلك لوجود خالف كبير حولها بين مكونات المجتمع حاليا أولى مهام الحكومة والبرلمان المنتخبين إنجاز النواقص بشأن المواد ،ً على أن يكون من المجمدة، ومن ثم يصبح بين يدينا دستور تحتكم له البالد ويوفر لها الاستقرار السياسي والقانوني – إذا تطلب األمر – عبر اآلليات وينظم تداول السلطة، وهناك قابلية لتعديل بعض بنوده مستقبالً . المدنية المعروفة بصورة تدريجية أكثر رسوخا.


ثالثا: العملية الانتخابية

مهما تحدثنا عن أهمية التمثيل الشعبي والطريقة المثلى لضمان إدارة الدولة إنابة عن الشعب بطريقة تضمن مشاركة المواطنات والمواطنين في اختيار من يحكمهم، فإن االنتخابات القائمة على التعددية الحزبية والمبنية على النزاهة والشفافية والبعيدة عن األساليب الفاسدة هي أفضل الوسائل لتحقيق ذلك، ورغم المتوفرة حاليا أن إجراء انتخابات بتلك المواصفات يعتبر من التحديات العظيمة ً ح تى في دول العالم المتقدم، فإن تجارب الشعوب في مرحلة االنتقال إلى حكم مدني ديمو قراطي أثبتت أن إقامة انتخابات على أي درجة من المصداقية هو في حد كالتي نمر بها في السودان حالياً ذاته عامالً حاسما هتها ً ومهماً في خطوات االنتقال تلك، ويبقى االجتهاد في رفع درجة نزا ومصداقيتها هو ما يحتاج االعتناء به أكثر من التركيز على الخطوات اإلجرائية التفصيلية في مثل إعطاء االولوية القصوى إلجراء على ذلك فإننا نرى أنه من الضروري جداً هذا الظرف، تأسيساً انتخابات تعددية على درجة مقبولة من النزاهة والمصداقية بنهاية الفترة االنتقالية، وعلى مؤسسات حكم الفترة االنتقالية واأل حزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمجتمع الدولي الداعم للتحول الديموقراطي في السودان - وباألخص بعثة األمم المتحدة بالسودان) يونيتامس( - العمل الجاد لتحقيق هذا الهدف، لما له من انعكاس إيجابي على االستقرار السياسي وتحقيق السالم في السودان وتجنيب البالد االنزالق في أتون الخالف والصراع السياسي المهدد للتحول المدني الديموقراطي ولوجود الدولة السودانية ككل. ال شك أن هنالك كثيراً من الصعوبات التي تحول دون إقامة تلك االنتخابات، ورغم ذلك فإننا نرى أن إقامة االنتخابات ب أي شكل هو في ذاته متطلب مهم لالنتقال، ويجب االنتباه ألن هذه عملية تحتاج للتجويد المستمر، ولن يتحقق ذلك إال من خالل الممارسة نفسها، وبالنظر إلى انقضاء جل األمد المحدد للفترة االنتقالية في الصراعات السياسية – بما في ذلك انقالب 25 أكتوبر - ألسباب ودواعي مختلفة، يرجع بعضها لتعقيد المشهد السياسي نفسه بعد اإلطاحة بنظام االنقاذ البائد، وأسباب اخرى إلى ذلك تعقيدات ً تتعلق ببعد األحزاب السياسية عن الممارسة الديموقراطي ة أ مدا طويال،ً مضافاً ذات صلة بمحاذير ومخاوف ومطامع القوات المختلفة مما أثر بصورة واضحة على تنفيذ مطلوبات االنتقال المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة االنتقالية. ومن أجل جعل أمر إقامة االنتخابات واقعا،ً فإننا نقترح اآل تي: لما به من توزيع معقول لألصوات ما بين 

.1 اعتماد قانون اال نتخابات القومية لسنة 2008 نظراً الدوائر االنتخابية الجغرافية والتمثيل النسبي وتمثيل المرأة، مع بعض التعديالت المحدودة والضرورية جداً على القانون المذكور. 

.2 لضيق الزمن ولقلة الموارد المالية المتوفرة، فإننا كذلك نقترح إقامة االنتخابات دون إجراء تعداد سكاني واعتماد نفس توزيع وحدود الدوائر االنتخابية الجغرافية القومية والوالئية كما في انتخابات 2010 و ,2015 مع اإلقرار بوجود عديد من االشكاالت التي تتطلب التوافق على اجراءات معينة للتغلب عليها، تسجيل الناخبين على سبيل المثال حيث يوجد ما يقارب من خمسة مليون مواطنة سودانية ومواطن سوداني غير مسجلين وليس لديهم مستندات إلثبات الهوية، يعتبر من أبرز التحديات التي تتطلب بذل الوقت والجهد للتغلب عليها. 

.3 يشكل السيد رئيس وزراء حكومة الفترة االنتقالية المفوضية القومية لالنتخابات من ذوي الخبرة والكفاءة وغير المرتبطين بأي أحزاب سياسية، وتكون لمفوضية االنتخابات االستقاللية الكاملة في إدارة العملية االنتخابية، وعلى حكومة الفترة االنتقالية توفير الدعم المالي واللوجستي للمفوضية بما يمكنها من االضطالع بمهامها. 

.4 يكون من صالحيات المفوضية القومية لالنتخابات تشكيل مفوضيات في كل أقاليم السودان. 

.5 يمنع الترشح لمنصب رئيس الجمهورية أو المجلس التشريعي القومي أو المجالس التشريعية السياسية المسجلة رسميا ً االقليمية تحت مسمى المستقلين واقتصار الترشح فقط لألحزاب لدى مسجل االحزاب السياسية. 

.6 يتم النظر في كيفية دعم األحزاب المشاركة في االنتخابات مالياً وفنياً من قبل حكومة الفترة االنتقالية وبعثة األمم المتحدة للسودان )يونيتامس(، وهنالك تجارب كثيرة يمكن االسترشاد بها في هذا المجال. إننا نقترح أن يتم تخصيص تمويل عام لكافة االحزاب السودانية على أن يكون متساوي وذو قيمة. 

.7 التركيز على إقرار إجراءات متوافق عليها بين األحزاب السياسية تهدف لتحقيق أعلى درج ة ممكن ة من النزاهة والشفافية لالنتخابات والبعد عن الممارسات الفاسدة. لطبيعة المناخ في السودان وكون أجزاء واسعة منه تتعرض 

.8 توقيت إجراء الانتخابات: نظراً لهطول األمطار في الفترة من يونيو حتى أكتوبر من كل عام، مما يصع ب من حركة فرق االنتخابات والمواطنين، فإننا نقترح تحديد فبراير ومارس من العام 2023 كتوقيت مناسب إلجراء الانتخابات في كل المستويات.

رابعا: المجلس التشريعي

رابعا: المجلس التشريعي أثناء الفترة االنتقالية ينظر كثيرون للمجلس التشريعي باعتباره الجهة الممثلة لمكونات الشعب السوداني، والمعبرة عنه بهدف دعم االنتقال وضمانه والبت في كثير من التشريعات وكمراقب للحكومة التنفيذية، ورغم أن هذا القول يبدو وجيهاً في ظاهره إال أنه يطعن في أسس التمثيل نفسها، فاألصل في المجلس التشريعي هو تمثيل الشعب، وهو ما ال يتأتى بدون انتخاب حر مباشر، وتكوين برلمان بالتعيين هو سلوك شمولي يفتقر ألبسط القيم الديموقراطية، وليس هناك من آلية لتكوين هذا المجلس، وقد اثبتت التجربة عند بداية هذه الفترة االنتقالية نفسها كيف أن تحديد ممثلي المكون المدني في مجلس السيادة عطل المصفوفة الزمنية المتفق عليها وقتها وش كل أول خرق للوثيقة الدستورية وكاد أن يعصف باالنتقال نفسه في بدايته ، إن حدث ذلك لتحديد خمسة أعضاء فقط والمكونات المدنية في أحسن حاالت اتفاقها فكيف يتم التوافق على ما يفوق ال 300 للمجلس التشريعي والمكونات عضواً تأجيجا للتناحر ا للفترة ً المدنية في أضعف ح االت التوافق؟ إننا نرى في ذلك لسياسي وتأزيماً االنتقالية بإدخالها في أتون الصراع السياسي واأليدو لوجي، وهو ما يتنافى مع طبيعة االنتقال ومطلوبات ه، عليه فإننا نقترح اآلتي: 

.1 االستغناء عن فكرة تكوين مجلس تشريعي خالل الفترة االنتقالية الحالية وتعديل الوثيقة ا لذلك. ً الدستورية وفق 

.2 إسناد مهمة التشريع فيما تبق ى من الفترة االنتقالية لمجلسي السيادة والوزراء مجتمعين.


خامسا: السلام

 إن تحقيق السالم في السودان يجد األ ولوية والوضع الاستراتيجي في سلم اهتمامات الدولة السودانية، وال يجب التعامل معه في السياق السياسي فحسب ، بل التعامل معه في إن طار اإلنساني الذي يستحقه. بنا ًء على ذلك فإننا نقترح: 

.1 اإلبقاء على اتفاقية جوبا للسالم باعتبارها خطوة مهمة و أساسية لتحقيق السالم ومخاطبة قضاياه مع االعتراف بالنواقص التي تحيط بها. 

.2 ضرورة المو اءمة واالتساق بين اتفاقية جوبا للسالم والوثيقة الدستورية و إعطاء األولوي ة للنظر في قضية السودان في إطارها العام، والتركيز ع لى تحقيق تحول مدني ديمو قراطي مستدام لما لذلك من تأثير إ يجابي عل ى قضية السالم نفسها وكل قضايا السودان. 

.3 بذل الجهود الحثيثة والجادة لضم حرك تي عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور التفاقية السالم.

4 تشكيل مفوضية تحقيق التنمية والسالم في دارفور وجنوب كردفان والنيل األزرق من كفاءات وطنية مهنية )تكنوقراط( تكون مهمتها األساسية تنفيذ مشروعات التنمية في المناطق المتأثرة بالحروب. 

.5 إعطاء األولوية إلعادة النازحين ومخاطبة مشاكلهم وهمومهم األساسية بصورة مباشرة وشفافة. .6 اعتماد المبالغ المالية الواردة في اتفاقية جوبا للسالم على أن يتم التصرف فيها بواسطة مفوضية تحقيق السالم والتنمية


سادسا: مؤسسات الحكم في الفترة االنتقالية

 -1 المجلس السيادي: 

أ. التكوين:

   تكوين مجلس سيادي من 24 عضواً كالآتي:  

- (6 ممثلين للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع.  

-(4 ممثلين للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام. 

- ممثل واحد لحركة عبد العزيز الحلو وممثل واحد لحركة عبد الواحد محمد نور. 

- (6 ممثلين تختارهم لجان المقاومة (3) منهم على الأقل من النساء.  

-  (6) ممثلين يختارهم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير (3) منهم على الأقل من النساء.

 ب. رئاسة مجلس السيادة:

 يرأس القائد العام لقوات الشعب المسلحة مجلس السيادة. 

يتم اختيار نائب واحد لرئيس مجلس السيادة من ضمن ممثلي لجان المقاومة والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بالتوافق بينهما.

ت. مهام المجلس السيادي:

 المهام المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية الانتقالية )تعديل( لسنة 2020، دون أن يتدخل في أي مهام تنفيذية.  يشارك مجلس السيادة في مهمة التشريع كما ورد في البند الأول "الإطار القانوني والمرجعية الدستورية" 


2 الحكومة التنفيذية للفترة الانتقالية

  أ. تكوين الحكومة التنفيذية:

  تعيين رئيس وزراء مستقل لا ينتمي لأي حزب سياسي يتم التوافق عليه من قبل مجلس السيادة ويعطى صلاحيات واسعه ليقوم بمهمة تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة ويشمل ذلك الوزراء  )لا يزيد عددهم عن  14 وزيراً(، وولاة الولايات وقادة الخدمة المدنية وتسيير مهام الحكومة  التنفيذية دون أي تدخل من مجلس السيادة أو أي جهة أخرى، ونرى هنا أن يتم التوافق على الدكتور  عبد الله حمدوك كونه شخصية متوافق عليها محلياً بصورة واسعة، فضلًا عن حضوره الدولي إبان تسنمه رئاسة الوزراء، لاستكمال الاختراقات التي بدأها بشأن عودة السودان للأسرة الدولية، وللاستمرار في الإصلاح الاقتصادي الذي بدأه.  

ب. مهام حكومة الفترة الانتقالية:

  .i  تسيير المهام التنفيذية للحكومة دون الدخول في التزامات أو خطط طويلة المدى )حكومة تصريف أعمال

  .ii  يشارك مجلس الوزراء في مهمة التشريع كما ورد في البند األول " اإلطار القانوني والمرجعية الدستورية"

.iii  يعمل مجلس الوزراء بصورة أساسية لتهيئة البالد إلجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة االنتقالية و إعطاء هذه المهمة األ ولوية القصوى من قبل حكومة الفترة االنتقالية.


-4 حكومات الواليات

 أ. يعين السيد رئيس الوزراء والةً لواليات السودان المختلفة من التكنوقراط غير المتحزبين. ب. يعهد لحاكم كل والية تشكيل حكومة تكنوقراط ال تتعدى )6( وزراء يوافق عليهم السيد رئيس الوزراء.


سابعا: المنظومة العدلية

 يعد وجود منظومة عدلية مستقرة ومتكاملة من المرتكزات األساسية للتحول الديموقراطي ، ومن المطلوبات الرئيسية إلقامة انتخابات حرة ونزيهة تحظ ى بقبول الجميع خاسرين ومنتصرين، و عليه نرى أن يجد هذا األمر أولوية قصوى، وضرورة تكوين المجلس األ على للقضاء والمحكمة يوما من تشكيل حكومة الفترة االنتقالية، وكذلك استكمال وتقوية ودعم ً الدستورية خالل )30( السلطة القضائية والنيابة العامة.


ثامنا: القوات المسلحة والتحول الديموقراطي المستدام

 انطالقا من إدراكنا أن التحول الديموقراطي ال يمكن أن يتحقق بواسطة القوى المدنية فقط، بل ال ً بد من التوصل إلى توافق مع القوى األخرى وفي مقدمتها القوات المسلحة، نرى أنه قد حان أ وان تقديم تنازالت متبادلة وعقد تسويات تحقق توافق على أرضية مشتركة األمر الذي سي ساهم في ت عظيم فرص تحول ديموقراطي مستدام في السودان، مما يتطلب أن يتم التعامل مع المنظومة األمنية في السودان وفي مقدمتها القوات المسلحة بحكمة بالغة، وأن ينطلق الحوار معها وفق مبادئ واضحة تؤسس على ضرورة خضوعها للسلطة المدنية الشرعية، وبالمقابل إظهار االحترام الالزم لها ولخصوصية طبيعتها العسكرية بما يضمن تحقيق التجانس وإعالء قيم العمل المشترك. إن تحقيق اتفاق يخاطب طموح واهتمامات قادة القوات المسلحة المنخرطين في السياسة، ويقدم باعتبار تطوير القوات المسلحة وعودا واالهتمام بها وبمنسوبيها أولوية أثبتت نجاحاً ساهم في ً تغيير حياة شعوب كثيرة إلى األفضل، و إلى تحويل جيوشها إلى جيوش محترفة تؤدي مهامها وفق الدستور ) كما حدث في دول عدة حول العالم كالبرازيل وشيلي وإندونيسيا على سبيل المثال( يدفعنا في حزب بناء السودان إلى تقديم مقترحات نرى أنها كفيلة بتحقيق التوافق مع قوات الشعب في السودان ممكناً المسلحة بشأن المبادئ واإلجراءات الالزمة لجعل التحول الديموقراطي ومستداما. ً

 إننا في حزب بناء السودان نرى أن تحقيق التحول الديموقراطي المستدام يتطلب الوصول إلى اتفاق مع قادة الجيش يضمن اآلتي:

 .1 توفير ضمانات بعدم اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد أعضاء المجلس العسكري االنتقالي وأعضاء المكون العسكري في مجلس السيادة وقادة القوات المسلحة بصفتهم االعتبارية. 

.2 احتفاظ القوات المسلحة بالشركات واألسماء التجارية التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية شريطة أن تخضع لقانون الشركات لسنة 2015 وكذلك تخضع للمراجعة العامة وأال تخ تص بإعفاءات أو امتيازات. 

.3 حماية الحقوق الفردية ألعضاء المجلس العسكري االنتقالي وأعضاء المكون العسكري في مجلس السيادة االنتقالي وقادة القوات المسلحة بموجب القانون )كحرية التنقل والسفر وحماية األعمال والمشاريع التجارية والحماية المتساوية أمام القانون واحترام وحماية الحياة الخاصة واألسرية واحترام حرية التعبير عن الرأي(. 

.4 االلتزام الفوري واألكيد بتوفير مرتبات مجزية لمنسوبي القوات المسلحة والعمل على زيادة اإلنفاق الدفاعي بشكل تدريجي يتناسب مع تحسن الوضع االقتصادي مع التوافق على تحديد نسبة محددة محمية كحد أدنى لنسبة )اإلنفاق الدفاعي/ مجمل اإلنفاق الحكومي(


على أن تلتزم القوات المسلحة بتحقيق اآلتي:

 .1 قيام القائد العام للقوات المسلحة بتسليم السلطة وفق المقترح المقدم في خارطة الطريق المقدمة من قبل حزب بناء السودان. 

.2 دعم القوات المسلحة للتحول الديموقراطي بااللتزام بالنأي التام عن السياسة والخضوع للسلطة المدنية التي سيتم انتخابها بشكل مباشر. 

.3 ضمان عمل األجهزة األمنية والشرطية ضمن إطار القانون بما في ذلك القوى المشاركة في فض المظاهرات واالحتجاجات وخضوعها التام للرقابة من قبل الحكومة المدنية. 


تاسعا: العدالة االنتقالية

 اتسم الوضع السياسي في السودان منذ االستقالل بعدم االستقرار وشهد نزاعات سياسية بشكل مستمر، وتجاذبت البالد تيارات انقالبية متعددة ج رتها إلى بحور من الدماء وحولتها إلى ساحات مغلقة للقتل والتهجير واالختفاء القسري والتعذيب والسجن واإلعدام السياسي ومصادرة الحق في حرية التعبير. إننا في حزب بناء السودان ندرك أن أساس العدالة االنتقالية هو تحقيق مجموعة تدابير قضائية وغير قضائية بهدف ترسيخ مفاهيم سيادة حكم القانون مما يحتم ضمان أن يعمل القضاء بطريقة مالئمة تمكنه من تتبع قضايا خرق حقوق اإلنسان، ومن تعزيز قدراته على تحقيق العدالة، ولكن تعرض القضاء السوداني لعملية تجريف شاملة وأدلجة في عهد نظام اإلنقاذ البائد، من خالل عملية ممنهجة الستبدال العناصر المهنية التي شكلت عموده الفقري بأخرى موالية للنظام الحاكم والحركة اإلسالمية، مما جعله غير قادر وغير مؤهل لتحقيق العدالة بالكفاءة المطلوبة، مع الوضع في االعتبار وضع الدولة السودانية شديد السيولة وتفاقم المرارات والمآسي مما يتطلب أن نسعى إلى تحقيق العدالة االنتقالية في السودان من خالل استراتيجية تتسم بالمرونة والرؤية االستشراقية واالستلهام من التجارب اإلنسانية المماثلة، وفق المبادئ التالية: 

- ضمان استقالل القضاء والعمل على زيادة كفاءته 

- ضمان استقالل النيابة العامة

- تعزيز المعايير وتوفر المؤسسات لحماية حقوق اإلنسان الفردية ومحاكمة الجرائم ضد اإلنسانية 

- إنهاء استسهال خرق حقوق اإلنسان في السودان وضمان عدم حدوث خروقات في المستقبل 

- توافق القوانين الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق اإلنسان 

- خلق مجتمع متسامح ومترابط يسود فيه االحترام بين الشعب وقواته النظامية تأسيسا على ما تقدم، ولضمان تحقيق تحول ديموقراطي مستدام في السودان ومن أجل تحقيق ً العدالة وجبر الضرر وإزالة المظالم نتقدم في حزب بناء السودان بالرؤية التالية لتنفيذ إجراءات عدالة انتقالية جذرية وراسخة.


1 مالمح الرؤية أ. بدء العمل على تحقيق استقالل القضاء وزيادة كفاءته ليعمل وفق الدستور والقانون، لضمان وتحقيق العدالة ومحاكمة المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق اإلنسان بشكل فردي. ب. تعزيز استقالل النيابة العامة لتتمكن من توجيه التحقيقات الجنائية بكفاءة واعتماد تدابير محكمة لحماية الضحايا والشهود . ت. إنشاء لجنة وطنية مستقلة باسم " اللجنة الوطنية للحقيقة والمصالحة" تشكل من عناصر مشهود لها بالمهنية والكفاءة يكون على األقل %25 من أعضائها من النساء، تتلخص مهمتها في : i. إعداد تقرير مفصل، في مدة ال تتجاوز عام، عن انت هاكات حقوق اإلنسان التي أسفرت عن حاالت وفاة واختفاء وتعذيب في الفترة من 1989 م حتى تاريخ إنشاء اللجنة )كمرحلة اولى على أن ينظر في توسيع مهمتها لتشمل ضحايا انتهاكات حقوق اإلنسان من االستقالل وحتى 1989م الحقاً( ii. تقديم مقترحات مالئمة لجبر الضرر وإزالة المظالم ألسر الشهداء والضحايا الواردة أسمائهم في التقرير. ث. إنشاء لجنة وطنية مستقلة باسم " اللجنة الوطنية للجبر والمصالحة "، تشكل من عناصر مشهود لها بالمهنية والكفاءة يكون على األقل %25 من عضويتها من النساء، تتلخص مهامها في: 

i. تنسيق وتنفيذ تدابير جبر الضرر التي اقترحتها " اللجنة الوطنية للحقيقة والمصالحة". 

ii. تحديد معاش جبر وتقديم تعويضات تقديرية للعوائل المباشرة للشهداء والضحايا الواردة أسمائهم في تقرير " اللجنة الوطنية للحقيقة والمصالحة". 

iii. تقديم منح دراسية وحوافز تشجيعية تتضمن تمييز إيجابي عند االلتحاق بالجامعات والتوظيف ألفراد أسر الشهداء والضحايا الواردة أسمائهم في تقرير " اللجنة الوطنية للحقيقة والمصالحة". 

iv. شمل أسر الشهداء والضحايا الموثقين في تقرير ”اللجنة الوطنية للحقيقة والمصالحة" في برامج الرعاية الصحية والتأمين الصحي.

v. تقديم الدعم الحكومي الالزم فيما يتعلق بتحديد رفات الشهداء والضحايا وإجراءات الدفن. 

ج. إنشاء لجنة وطنية مستقلة باسم " اللجنة الوطنية لشؤون السجناء السياسيين وضحايا التعذيب" تشكل من عناصر مشهود لها بالمهنية والحياد ويكون على األقل %25 من أعضائها من النساء، تتلخص مهامها في: 

i. أخذ شهادات وجمع معلومات في حاالت االختفاء القسري التي لم ترد في تقرير " اللجنة الوطنية للحقيقة والمصالحة " والتي يتم تناولها كحاالت اختفاء قسري غير موثقة أولم يتم التبليغ عنها 

ii. أخذ شهادات مجمعة لضحايا على قيد الحياة، حرموا من حريتهم وتعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة ألسباب سياسية لم تتناولهم تقرير ”اللجنة الوطنية للحقيقة والمصالحة" 

iii. تقديم مقترح آللية تقديم تعويضات ألسر الضحايا المباشرة 

ح. قيام إدارة حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني )إدارة متخصصة في مجال حقوق اإلنسان والقانون الدولي واإلنساني أنشئت في عام 1991 من قبل وزارة العدل( بتوفيق القوانين المختصة بمناهضة حقوق اإلنسان في السودان مع كافة القوانين والمعاهدات الدولية ذات الصلة. 

خ. إنشاء قاعدة بيانات وطنية تحتوي على عينات من الحمض النووي ألقرباء الضحايا الواردة أسمائهم في تقرير " اللجنة الوطنية للحقيقة والمصالحة " لتساهم في التعرف على المفقودين. 

د. إنشاء منصة باسم " منتدى الحوار الوطني" تهدف إلى تقوية اللحمة الوطنية وتعزيز العالقة بين الشعب وقواته النظامية من خالل تشجيع القوات المسلحة و المجموعات المسلحة األخرى للمساهمة بشكل طوعي في تقديم معلومات بخصوص ضحايا انتهاكات حقوق اإلنسان، وكذلك لفتح نوافذ للحوار الوطني بين جميع فئات المجتمع وإدارة حوار بين كافة التشكيالت العسكرية التي خاضت نزاعات فيما بينها.


عاشرا: ادارة االقتصاد في الفترة االنتقالية

 تتلخص رؤيتنا في إدارة االقتصاد خالل ما تبق ى من الفترة االنتقالية في محاولة الحفاظ على الوضع الراهن أيا . ًكان بمعنى أن تظل المؤشرات االقتصادية ثابتة طوال الفترة االنتقالية ًء تلك التي لها نتائج هذه الرؤية التي تبدو خالية من الطموح سببها أن القرارات االقتصادية - سوا سيئة أو جيدة- تتطلب قدراً من اإلجراءات القاسية على قطاعات غير محدودة من الشعب، األمر الذي يتطلب رصيداً كبيراً من الشرعية للنظام الحاكم، ول ما كنا نتحدث عن أن الفترة االنتقالية محاطة بالتهديدات ومعرضة دوما لالنهيار ، فإن رؤيتنا هي تجنب كآفة المخاطر التي ربما تؤدي ً إلى ان هيار الفترة ووأد التحول الديموقراطي. المؤشر األسرع تأثيرا على حياة الناس، تجدر اإلشارة بصورة خاصة الى مؤشر التضخم، ألنه أوالً بالمهمة السهلة، إذ أن سبب التضخم المستمر وثانياً ألن المحافظة عليه مستقراً فقط ليست أيضاً خالل السنوات العشر الفائتة هو عجز الموازنة، مما يعني أنه ليس أمام الحكومة االنتقالية إال واحداً المطالبة به ولكن تنفيذه يتطلب سنوات من حل ين، إما زيادة اإليرادات، وهو خيار من اليسير دوماً تفوق سنوات الفترة االنتقالية نفسها! أما الخيار اآلخر هو تخفيض المنصرفات الحكومية ألدنى حدودها، وهو الخ يار الذي نوصي به. ونشدد على أن الهدف هو الحفاظ على المؤشرات االقتصادية ثابتة بال أي محاوالت لفرض رؤى اقتصادية من هنا أو هناك ال تتفق في شيء سوى أن جميعها تزعم أن هدفها تحسين المستوى المعيشي للمواطن.


 ختاما:

 هذه المبادرة مقدمة لكل السودانيات والسودانيين، ولكل الفاعلين في المشهد السياسي والمتأثرين به بهدف صبح مهدداً الوصول لحل واقعي ينهي األزمة السودانية التي وصلت لطريق مسدود أ لوجود الدولة رواحا ً السودانية نفسها، ناهيك عن كيف ومن يحكمها، وتهتم المبادرة بصورة خاصة بتقليل تكلفة التغي ي ر أ ينعم ً لتضحيات أنفس عزيزة ارتقت ليكون السودان وطنا سالماً اجتماعية وتتويجاً ولحمةً واقتصادا ووقتاً أهله بالسالم والعدل والحرية والديموقراطي ة، وهي جهد ال ندعي اكتماله بل مقترح مفتوح للنقاش والتحسين من الجميع وسنقوم بعد نشرها على جموع السودانيات والسودانيين بالتواصل المباشر لتقديمها ونقاشها بصورة مباشرة مع كافة األطراف و أصحاب المصلحة.